24 Sep
24Sep

مع ازدياد قدرتنا على سَبْر المزيد والمزيد من أغوار الكون، أصبح من الواضح أن الأجرام السماوية تميل إلى التجمُّع معًا، وتفعل ذلك بطريقة هرمية؛ حيث تشكل النجوم عناقيد، وعناقيد النجوم نفسها تشكل عناقيد على مستوًى أعلى، وهذه العناقيد الأعلى تتجمع بدَوْرها في عناقيد أكبر. وعلى وجه التحديد، مجرَّتنا — والتي هي عنقود من النجوم — جزء من «المجموعة المحلية» المكونة من حوالي ثلاثين مجرَّة، وهذه المجموعة بدورها جزء من «العنقود المجرِّي المحلي الهائل». على النطاق الأوسع، يبدو الكون بالأحرى مثل الرغوة، مع وجود خيوط تتكون من عناقيد مجرية فائقة واقعة على حواف مساحات فارغة شاسعة.  

ولكن كيف اكتُشف كل هذا؟ فحتى لو استخدمنا تلسكوبات قوية للنظر خارج الأرض، فإننا نرى ببساطة سماءً مليئة بالنجوم. والجواب هو أن استنتاج وجود هذا الهيكل العنقودي — بل واكتشافه في المقام الأول — تَطلَّب تقنيات إحصائية.  

وتشمل إحدى فئات هذه التقنيات حساب المسافات بين كل نجم وعدد قليل من النجوم الأقرب إليه وهذه التقنية معروفة لدينا احصائياً بمسمى (التحليل العنقودي). والنجوم التي يكون عدد النجوم القريبة منها أكبر مما هو متوقَّع تكون واقعة في مناطق كثيفة محليًّا؛ أي إنها تشكِّل عناقيد محلية. 

بالطبع، يتعلق الأمر بأكثر من ذلك بكثير؛ فسُحُب الغبار بين النجوم ستَحجب رؤية الأشياء البعيدة، وسحب الغبار هذه ليست موزَّعة على نحو موحَّد في الفضاء. وبالمثل، لن تُرى الأجرام الباهتة إلَّا إذا كانت قريبة بما فيه الكفاية من الأرض. والخيط الرفيع من المجرات الذي ترى نهايته من الأرض يمكن أن يبدو كعنقود كثيف، وهكذا. وينبغي تطبيق تصحيحات إحصائية متطورة حتى نتمكن من تمييز الحقيقة الكامنة من التوزيعات الظاهرية للأجرام السماوية.إن فَهْم بنية الكون يُلقِي الضوء على كيفية تشكُّله، وعلى تطوُّره المستقبلي.


المصدر:ديفيد جيه هاند (٢٠١٦)،علم الاحصاء : مقدمة قصيرة جداً،مؤسسة هنداوي،مصر.